
● فضاء المسرح، والموسيقى، والحركة
فضاء يتقاطع فيه الصوت بالجسد، والقصّة بالخيال، والإيقاع بالوجدان. منصّة يعبّر فيها الفرد عن ذاته بالكلمة، والنغمة، والحركة، ويختبر جمال التعبير ومتعة الحضور – منفردًا أو ضمن جماعة.
بيت إيليا وآيلا وراجي وهيا… وبيتكم أيضًا.
كلّ شيء بدأ بسؤال. سؤال تجاوز المدرسة، وتعدّى البرنامج التعليمي، واتّجه أعمق من دور الأب والأم. سؤالٌ عن جوهر الحياة التي نرجو أن نحياها، وعن العالم الذي نحلم أن ينشأ فيه أبناؤنا، وعن معنى التربية، ولأي غاية نُربّي.
عندما وُلد إيليا، تبدّل شعورنا تجاه ما كنا نظنه "طبيعيًّا" أو "بديهيًّا". كأنّ الحياة طلبت منّا التوقّف، إعادة النظر، والتأمّل. هل نسير وفق الإيقاع السريع، أم نبطئ لنلتقط اللحظة؟ هل نُسلِّم أبناءنا لتيارات جاهزة، أم نصغي إليهم؟ هل التربية توجيه، أم مرافقة ومشاركة وجودية؟
بدأنا، راجي وهيا، نُعيد ترتيب العالم من حولنا. أطفأنا الشاشات، خرجنا إلى الطبيعة، أنصتنا للصمت، وتأمّلنا اللعب، والدموع، والدهشة الأولى. ومع الوقت، بدأت التغييرات الصغيرة تنسج خيطًا لمسارٍ جديد. رحلةٌ عائلية لإعادة اكتشاف الحياة.
قرأنا، تأمّلنا، تساءلنا، أخطأنا، وتعلّمنا. من فلسفات التربية الحديثة، إلى علوم الأعصاب، إلى الحكمة الفطرية التي تلمع في عيون الأطفال.
والأهم، أننا بدأنا نرى أبناءنا ككائنات حاضرة بكمالها، كأنبياء صغار يحملون مفاتيح الرؤية. أربع سنوات ونصف من العيش بأسئلة مفتوحة، من إعادة التفكير بكلّ شيء: بشكل البيت، إيقاع اليوم، معنى العمل، دور المعلّم، ومفهوم التعلّم.
وفي هذا المسار، لم يكن الهدف إنشاء مشروع، بل فتح بيت. بيتٌ وُلد من لُبّ التجربة، من تفاصيل الحياة اليومية، من الأحاديث الصباحية، ومن الأسئلة التي أحببناها حتى قبل أن نجد لها أجوبة.
بيتٌ جاء من الحاجة لأن نكبر من داخل المجتمع، ومن الرغبة بأن يشاركنا في هذه الرحلة مع أطفالنا أشخاص يحملون رؤى مختلفة، قلوبًا مفتوحة، وأرواحًا تؤمن بالتعلّم المشترك.
وهكذا وُلد المِرْبَد؛ مكان ينبض بالتعلّم، ويتّسع للتربية، امتدادٌ حيّ لرحلةٍ عائلية أرادت أن تسكن العالم ببطء، بصدق، وبمعنى. المِرْبَد هو بيتنا، وها نحن نفتح بابه، لنكتشف خلاله الحياة معًا.
المِرْبَد مركز حيّ نابض بالتعلّم، تتقاطع فيه الفلسفة مع الحياة، ويلتقي فيه الفنّ بالتساؤل، وتتحوّل فيه التربية إلى علاقة إنسانية تنبض بالمعنى، وإلى تجربة تُعاش بكلّ الحواس.
في "المِرْبَد"، كلّ من فيه يُعلّم ويتعلّم. الطفل مرآة كما هو معلّم، والأب يجد صوته في كلمات الجدّ، كما يحمل الرضيع في نظرة أمه فلسفة كاملة. نؤمن بأنّ التعلّم ينبع من الداخل، وأنّ الطفل يحمل بداخله إنسانًا كاملاً، يكتب ذاته حين تتاح له الدهشة، والوقت، والأمان.
إنّه مكان ينحاز للسؤال، يمنح العمق مقامًا، ويدعو الأطفال، والأهالي، والمعلّمين، والمفكّرين إلى عيش التجربة التربوية كفعلٍ وجوديّ مشترك.
في المِرْبَد، لا تُقاس الفضاءات بالأمتار، بل بالنبض… كلّ فضاء هو دعوة للاكتشاف، التأمّل، والخلق.
فضاء يتقاطع فيه الصوت بالجسد، والقصّة بالخيال، والإيقاع بالوجدان. منصّة يعبّر فيها الفرد عن ذاته بالكلمة، والنغمة، والحركة، ويختبر جمال التعبير ومتعة الحضور – منفردًا أو ضمن جماعة.
رفوف تحمل كتبًا نحبّها حقًا، نقرأها معًا، نختلف حولها، نعيد زيارتها. بجانب الكتب، تنتشر ألعاب التفكير والألغاز المنطقية للتفاعل، التأمّل، والضحك المشترك.
الرسم، النحت، الخياطة، التشكيل، التصنيع… هنا تتحوّل اليد إلى أداة تعبير، والعين إلى ريشة، والخيال إلى مشروع. نُشجّع الإنسان - مهما كان عمره - على أن يكون صانعًا، لا مستهلكًا.
روبوتيكا، برمجة، طباعة ثلاثية الأبعاد، واقع افتراضي، تصميم، وتفاعل مع الذكاء الاصطناعي. لا نسأل فقط: «كيف تعمل الآلة؟» بل: «كيف يمكن أن نحلم بها ونُشكّلها من جديد؟»
مختبرٌ للفضول، حيث تُجرَّب الفرضيات وتُفكَّك الظواهر، وحيث يجلس أفراد العائلة حول تجربة واحدة، يتشاركون المفاجآت، ويطرحون: «لماذا؟»، «وماذا لو؟»
فضاء نابض بالحسّ، صُمّم ليحتضن التجربة الحسيّة الأولى مع العالم: ملمس، صوت، لون، حركة… كلّ تفصيلة تُثير الإدراك وتُشجّع على التفاعل.
مساحة مفتوحة للجسد والعلاقات والرياح. يتحرّك الأطفال بحرية، يتفاعلون، ويصنعون صداقات عابرة للعمر واللغة.
قطعة من الأرض تعلّم البطء والانتباه والصبر. يزرع الطفل بيديه، يراقب النبتة تكبر، ويتأمّل دورة الحياة.
قلب نابض بالحوار العفوي واللقاء الإنساني: لقاءات مفتوحة، محاضرات وندوات، أمسيات أدبية وفنية. مساحة ننتمي فيها إلى بعضنا البعض.
بينما ينشغل الأطفال بعوالمهم، يجد الأهل هنا مساحة لهم: مكاتب، إنترنت، قهوة، وهدوء – وشعور متجدد بالانتماء.
في المِرْبَد… لا حضور مفروض، ولا غياب مُدان. الأهل مدعوون للحضور حين يشاؤون، للاندماج حين يشعرون بالرغبة، وللتراجع حين يشعر الطفل بالحاجة إلى المساحة. في كل زاوية، هناك إمكانية للانفراد وللمشاركة.
رحلة عبر الاختراع من الفونوغراف إلى المصابيح وتجارب كهربائية ممتعة وآمنة. عدد المقاعد محدود.
لقطات من الحياة اليومية والفعاليات في المِرْبَد.
ننظر للتربية باعتبارها علاقة إنسانية تنبض بالمعنى، لا تعليمات جاهزة. نسير مع الطفل، لا أمامه.
الدهشة وقود الفضول. نتيح الوقت والمساحة للتجربة والحوار والحواس.
الأهل، الأطفال، والمربّون يتعلّمون معًا. البيت مفتوح للقاءات ودوائر حوار حيّة.